e-Risalah USIM - Edisi Februari 2022

FEBRUARI 2022 17 | َورَةٌ على الانسَان...مِن المعلوم سَلَفاً أن الثّورة الصِّناعِيّة الأولى ث ركّزَت على الميكانيكا فأنتجت الآلاتسيما المُحرِّك البُخَاري وآلَة النّسيج ، ثمّ جاءت الثّانية فركزت على مَصَادر الطّاقة فأنتجت الكَهرباء و الوقد الأحفوري ، أما الثّالِثَة فكان تَركِيزُها على زِيادَة الإنتاج فأنتَحت الحَاسُوب الرجل الآلي وُصُولاً إلى الثّورَة الرابعَة فَعُرِفت بإنترنت الأشياء وتَعليم الآلة فَطَغتعلى ما تَبقّى مِن وُجود الانسَان في الحَياة الصِّناعيّة ، أَمّا الثّورة الصِّناعيّة الخَامِسَة فمازالت حَدِيثَة العَهد ومازال الخُبراءُ والباحثونَ يَرقبون بَوصَلَتها ويتوقعون أيّ مَنحاً سَتنحو، لِكنّ الثّورات السّابِقَة كلّها كَانت ثَائرةً على وُجود الانسان في مَيدَان الصِّنَاعَة ، فتَجِد لَه بديلاً وتَقضِمُ مِن حَيِّزوُجوده ما استَطاعت إلى ذَلِكَ سبيلاً . تنبؤ، فهل يُصِيب الحقيقة؟ ... قبل أربع سنوات من الان كنت أُدير جلسة نقاشيّة مع البروفسور ذو الكفل بن عبد الرزاق رئيس الجامعة العالمية الإسلامية بماليزيا حالياً و كان في النِّقاش عن التَنميَةِ البَشريّة فقال الرجل في تلك الجَلسَة أَنّ الثّورة الصِّناعِيّة القادمة آتِيةٌ بالإنسان مرّة أُخرى إلى الميدان الصِّناعي و مُستَعيدةٌ لَهُ وَضعَهُ و مَكانَتَهُ التي طَغَت عليها الثّورات السّابقة ، فَقلتُ حينئذٍ هَل الأيام القادِمة بلا أَجهزة ذَكيّة أو مُذَكّاةٍ وإنترنت وما إلى ذلك فردّ الرّجل ، بَل هِي مَوجودة لكن على قِلّةٍ و تَدِين تِلكَ القِلّةُ بإدارتها و قيادها للإنسان، و هذا تَقريباً ما يُجمِع عَليه البَاحِثون والمُتَوقِّعون في هذه الأيام ، فعلى سبيل المثال : يرى خبير الذّكاء الصِّناعي ياسين آل طه أنّهُ وفقاً للثّورة الصِّناعية الخامسَة سننتقل من حِقبة الذّكاء الصِّناعي إلى حقبة الذّكاء الهَجين أَو الجماعي، ويرى غَيره من المتَوقِّعين العودة القوية للعنصر البَشري مثل وزير التّعليم العالي المصري خالد عبد الغفّار و عصام العمّار من جامعة الملك سعود. رَجَع الانسان فما الذي سَيختَلف ؟ ... لَعلّ ما سَيَدور في أذهان الكَثير مَاذا بَعد عَودةِ الانسان و انخراطه في البيئة الصناعيّة ، هَل سَيكون أَداءه أَكثرُ جَدوى من تلك الأجهزة الذّكيّة التي جاءت بها الثّورات السّابقة لِتكون مُنافِسَ الانسان الذي لا تملك روح المنافسَة و عَواطِف الانسَان، في الحَقيقة إنّ هذه الأجهزة ستبقى و لكن تَحت إدارة الانسان و سَيطَرَتهِ ، بحيث يكون هو العامل الرئيس و المدبر لها ، و في هذه الحالة سَيكون الانسان هو المُستَفيد الأكبر على أكثر من صَعيد ليس أقلّها استِعادة مَكانَتِه وتَوفير فُرصعَمل و حَياةٍ كَريمةٍ لِكثير من الكفاءات المتعطّلة. هَل يَعودُ الانسَان إلى مَا خُلِقَ لَهُ مِن بوّابَة الثّورَةِ الصِنَاعِيّة الخَامِسَة Al-lugha Al-Arabiyyah د. عبد الرحمن إبراهيم اصليح أستاذ تكنولوجيا التّعليم

RkJQdWJsaXNoZXIy NzMyMDE=