Majalah Al-Hikmah Edisi 15 2025

مكانة العربوالمسلمين في موكب الحضارات د/ محمد أمين عليعليمحمد عيسى .محاضر قسم العقيدة بجامعة العلوم السلمية الماليزية (يوسيم) maminali@usim.edu.my ه ا َ ب َ ه َ و َ و َ لم يخلق الله سبحانه وتعالى أمة من البشر الفضائل كلها؛ وإنما قسم الفضائل بين الخلق؛ فأمة مهرت في الصناعات اليدوية، وأخرى في الطب، وثالثة في اللهو، ورابعة في العقليات، وخامسة في الخلق؛ ول يلزم من هذا أن التي تميزت في شيء ح رمت ما عداه تماما؛ وإنما يعني أن تكون أمة قد ُ قد نالت من هذه الصفة أكثر مما نالت غيرها من المم، مع توفر الصفات الخرى بدرجة ما في هذه المة. ل فيما توفر لها من صفات، وبلغت ّ وقد نبغت المم ك بعض المم ذروة هذه الصفات حتى عرفت بها، ثم دار الزمان دورته وجرى عليها السنن الكونية؛ فأخذت في التدهور والنحطاط سواء بسبب أعدائها أو من داخلها نتيجة الهمال أو السراف أو الغفلة. والعرب أمة من المم شأنها كشأن غيرها تميزت د الناس عن الصناعة َ ع رفت بها؛ فإذا كانوا أبع ُ بصفات ة ٍ ة وفصاح ٍ أو القراءة أو الفلسفة؛ فقد كانوا أهل لغ ل في أوصاف الموجودات وأحوالها؛ فلم ٍ ر وتأم ٍ ونظ يكن نظرهم هو النظر الفلسفي الذي برع فيه أبناء رفت الفلسفة عن طريقهم وهو النظر في العلل ِ ع ُ يونان و الولى للشياء، وإنما كان نظرهم يقوم على دقة الملحظة لتفاصيل الموجودات التي عايشوها، فوضعوا لكل شيء أكثر من اسم بناء على صفاته التي فيه، ولكل جزء منه اسما بل أكثر أحيانا. كما تميز العرب بكونهم أصحاب روح تكره التبعية أو النقياد؛ حتى أنهم لم يؤسسوا دولة تجمعهم تحت قيادة واحدة؛ بل اكتفوا بقيادة القبيلة؛ فالعربي يأنف أن يخضع لغير كبيره، وكانت عزة أنفسهم حاملة لهم على صيانتها؛ فأنفوا من الكذب وكرهوه، والخيانة دوا كل خلق ّ واستشنعوها، والبخل واستقبحوه، وع ا يفرون منه كما يفر السليم من الجرب. ً ء نقص ٍ ي ّ س وقد كانت الحالة السائدة في العرب هي حالة السذاجة الولى ونقاء الفطرة، ولم يكن لهم اهتمام كبير بالعلوم لكون البيئة ل تساعدهم على هذا؛ حيث الصحراء والرمال والجبال والغنم والبل ول أكثر من ذلك، باستثناء ما عرف في اليمن من حضارة زراعية من خلل التحكم في المياه عن طريق السدود، وبناء المدن، أما أكثر العرب وخاصة مكة وما حولها فقدكانت على بداوتها التامة بعيدا عن العلوم المادية؛ لكن الذي يشترك فيه العرب كلهم أنهم بقوا على سذاجتهم فكانت صفاتهم النفسية على بكارتها لم تلوثها المدنية، وكانت هذه الصفات هي المؤهل لهم لن يكونوا حاملي الرسالة الخاتمة؛ فل حضارة لهم يستندون عليها، وليس لهم تراث فكري قد استهلك قواهم واستعداداتهم النفسية والفكرية. MAJALAH AL HIKMAH | 51

RkJQdWJsaXNoZXIy NzMyMDE=